إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
شرح الورقات
34611 مشاهدة
الاجتهاد

الاجتهاد:
الاجتهاد هو بذل الوسع في بلوغ الغرض، يعني: إذا جاءتك مسألة فلا تسأل فيها هذا العالم وهذا العالم ، عندك الكتب، فتبحث فيها عن الأحاديث وعن الآيات وعن الاستدلالات وما أشبه ذلك، وعندك قدرة على أن تفصل إلى القول الصحيح في هذه الحالة أنت مجتهد؛ إذا كنت قادرا على البحث، وقادرا على الفهم؛ وعندك معرفة باللغة، وعندك معرفة بالنحو، وعندك قدرة على فهم المسألة، فإنك تكون مجتهدا في تلك المسألة.
المجتهد إما أن يكون مجتهدا عاما أو مجتهدا خاصا، فالمجتهد العام هو الذي كل ما نزلت به مسألة أخرج دليلها؛ واستدل عليها، وأفتى فيها. وأما المجتهد الخاص فهو الذي يقدر على أن يجتهد في مسألة دون مسألة.
المجتهد إن كان كامل الآلة في الاجتهاد؛ فإن اجتهد في الفروع فأصاب فله أجران: أجر الاجتهاد وأجر الإصابة، وإن أخطأ فله أجر واحد، وهو أجر الاجتهاد، إذا بذل وسعه وبحث في المسألة.
هناك عند المعتزلة يقولون: كل مجتهد في الفروع مصيب، وهذا خطأ، الأصل أن المصيب واحد، وأن المخطئ مأجور، فالصواب مع أحدهما؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- عذر المخطئ وسماه مخطئا.
لا يجوز أن يقال: كل مجتهد في الأصول الكلامية مصيب؛ لو كان كذلك لقلنا: المعتزلة مصيبون، والأشاعرة مصيبون؛ تؤدي إلى تصويب أهل الضلال، حتى يقال: النصارى مصيبون لأنهم مجتهدون، الكفار مصيبون، الملاحدة مصيبون، المجوس مصيبون، الرافضة مصيبون!!! هذا توسع.
فالصواب أن الاجتهاد إنما هو في الفروع، وأما في الأصول فإنها متبعة، فالأصول العقيدة لا يجوز الخلاف فيها.
ذكروا أن ابن تيمية لما تناظر مع الأشاعرة الذين هم شافعية عند السلطان الذي في دمشق فقال السلطان: إن ابن تيمية حنبلي، اتركوه على معتقده اتركوه على مذهب الحنابلة. فامتنع الإمام ابن تيمية وقال: كلا لست على مذهب ابن حنبل ؛ بل الأئمة الأربعة، كلهم يقولون بقولي، كلهم متفقون على القول في العقيدة، على الإيمان بأسماء الله وصفاته وما يثبت له، طالبهم: ائتوني بقول عن الشافعي أنه أنكر الاستواء، وقال: اسْتَوَى استولى، ائتوني بقول عن الإمام مالك وأنا آتيكم بأقواله، الإمام مالك نقل عنه أنه قال: الله على عرشه، وهو معنا بعلمه كما يشاء وما أشبه ذلك، فلم يستطيعوا أن يأتوا بقول، فدل على أن الأئمة الأربعة على عقيدة واحدة في الأسماء والصفات.
المعتزلة يقولون: كل مجتهد مصيب، دليل من قال: ليس كل مجتهد في الفروع مصيبا: تقسيم النبي -صلى الله عليه وسلم- المجتهدين إلى مصيب ومخطئ، وأن من أصاب فله أجران ومن أخطأ فله أجر.
وجه الدليل: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خطَّأ المجتهد تارة وصوبه أخرى، فدل على أن المصيب واحد وأن المخطئ مأجور، والله أعلم. وهذا آخر الورقات.